أفضل أفلام الأمومة والكثير من الحب والدفء

وصلنا لمحطتنا الأخيرة، والفيلم الأحدث في تلك القائمة القصيرة، فيلم العائلة الفورية. أجد هنا فيلم Instant Family أحد أفضل الأفلام التي تناولت موضوع تبني الأطفال، الفيلم يقدم لنا خلطة متكاملة العناصر لبعض النماذج التي تحدثت عنها في بداية لقائنا، حيث سنقابل هنا السيدة التي لاتستطيع الإنجاب فتلجأ للتبني، ونقابل الأبناء اللذين فقدوا والدتهم أيضًا، كما سنجد الرجل المستعد تمامًا للقيام بدور الأب على أكمل وجه. 

نتوقع هنا أن تتحد تلك العناصر المتفرقة وتكون أسرة صغيرة سعيدة، وهو الأمر الذي لم يحدث بتلك السهولة التي صغت بها كلماتي، فقد كان للجميع كما يبدو رأي آخر، فهناك ثلاثة أبناء في مراحل عمرية متفرقة ما بين الطفولة والمراهقة، لم يستطيعوا تقبّل فكرة العائلة الجاهزة، حيث سيظهر الوالدان السحريان كما في مسلسل الرسوم المتحركة الذي لابد وأنك تعرفه، ليحققا للأبناء كافة أمنياتهم، فالأبناء هنا يحتاجون لحضن يستطيعوا الإنتماء إليه قبل أي شيء آخر، بينما نقابل هنا الوالد والوالدة بالتبني في واحد من أفضل مشاهد الفيلم وأكثرها واقعية، يتمنون لو يعيدوا الأبناء الثلاثة لدار الرعاية مرةً أخرى، ولكنهم يتراجعون خشية القيل والقال وضغط مجتمعهم الصغير.

بداية متوترة، وأحداث متلاحقة تقودنا نحو نهاية يحوم حولها فشل التجربة وشيك الحدوث، إلا أن ما يحدث في الختام يقلب الموازين ويحقق نتيجة لن أحرقها لك يا عزيزي، ولكني سأقول لك شاهد الفيلم وإستمتع بتلك التجربة الإنسانية الرائعة التي ستدفعك حتمًا نحو التفكير مليًا قبل الإتجاه نحو الحصول على أطفال. 

الفيلم إنتاج عام 2018، من بطولة روز بيرن، مارك ويلبرج، إيزابيلا مونير، سيناريو وحوار شين أندريز، جون موريس، ومن إخراجشين أندريز.

لا نحتاج هنا لنتحدث كثيرًا عن فيلم Forrest Gump، فالفيلم هو أحد روائع السينما التي لا تُنسى بدون شك. نتعرّف من خلال الفيلم على "فورست جامب" الذي أصبح بطلًا في لعبة الركبي بالرغم من كونه يعاني من بطء واضح في الفهم قد يصنّف كنوع من الإعاقة، يُلِح علينا هنا سؤالًا واحدًا لابد وأن نسأله ونحن نشاهد الفيلم، كيف أصبح طفل بحالة "فورست جامب" بطلًا، لتظهر لنا الإجابة في صورة الأم التي رفضت أن يلتحق طفلها بمدرسة خاصة بذوي الإعاقة كي لا يشعر بأي نقص أو ألم نفسي، بل ظلت معه تسانده وتدعمه وتحاول بكل طاقتها أن ترشده السبيل.

ذلك النموذج العظيم للأم الذي قدمته لنا "سالي فيلد" في أحد أهم أدوارها هو نموذج موجود حولنا بكثرة إلا إننا لا نراه كما يجب، كوننا لا نعاني من أية مشكلة. الفيلم إنتاج عام 1994 من بطولة توم هانكس، سالي فيلد، تأليف وينستون جروم،إخراج روبرت زيميكس.

لم يخلُف هنا روبن ويليامز عهده غير المكتوب مع جمهوره الكبير، حيث قدم لنا في فيلم السيدة داوتفاير أحد أكثر الأدوار الكوميدية المفعمة بالإنسانية، فسنضحك ملء أفواهنا كما اعتدنا مع روبن ويليامز بينما ترتجف قلوبنا تأثرًا. يحكي لنا فيلم Mrs. Doubtfire عن الأب "دانيال هيلارد" الذي لم يجد طريقة يرى بها أطفاله بعد إنفصاله عن زوجته وحصولها على حق حضانة الأطفال، إلا من خلال التنكر في هيئة المربية اللطيفة داوتفاير، كيف سيتمكن دانيال الذي يفشل في إعداد كوب حليب ساخن أو شطيرة جبن من رعاية ثلاثة أطفال، سنجد هنا الكثير من المشاهد الكوميدية الصارخة بإنسانيتها من خلال أحداث الفيلم الذي يقدم لنا نموذج طيب للأب يختلف تمامًا عما اعتدنا رؤيته على شاشات السينما.

الفيلم إنتاج عام 1993 من بطولة روبن ويليامز، سالي فيلد، سيناريو راندي ماييم سنجر، ليزلي ديكسون، عن رواية تحمل نفس العنوان بقلم آن فاين، وإخراج كريس كولومبوس.

نقابل هنا "صوفي" مدللة والدتها، تلك الوالدة التي كرست حياتها بالكامل من أجل تلبية رغبات طفلتها وإسعادها، إلا أنه بالرغم من ذلك وجدت صوفي نفسها تحتاج للأب الذي لا تعرف من هو، لذا تقوم صوفي بدعوة ثلاثة من أحباء والدتها السابقين المشكوك في كون أحدهم هو والدها، لتدور أحداث الفيلم في إطار غنائي كوميدي يكلله أداء "ميريل ستريب" الذي لا غبار عليه، حيث تقوم بدور "دونا" والدة صوفي.

الفيلم كوميدي غنائي إلا أنه يقدم لنا من وراء الستار رسالة هامة تحتوي بين طياتها على معنى وأهمية وجود الأب في حياة ابنته. رسالة قدّمها صنّاع الفيلم بسلاسة ورشاقة دون إغراق مفرط في كآبة لا داعي لها، أو عمق زائد يفسد رونق النص السلس، ليخرج لنا الفيلم في النهاية بتلك الصورة الساحرة. 

الفيلم إنتاج عام 2008 وتم تقديم جزء ثاني في عام 2018، من بطولة ميريل ستريب، أماندا سيفريد، كولين فيرث، بيرس بروسنان، ستيلان سكارسجارد، سيناريو كاثرين جونسون، إخراج فيلدا لويد.

أجد فيلم Tully هو أحد الأفلام التي تناولت الأمومة بشكل مفرط في الكآبة، بالرغم من أننا هنا لا نقابل مشكلة أو عقدة عاصية عن الحل، إلا أن كآبة الفيلم الشديدة نابعة من واقعيته الأشد، فالفيلم بإختصار يصوّر لنا واقع الأم وتفاصيل حياتها اليومية، حيث سنقابل "مارلو" تلك الأم لثلاثة أطفال أصغرهم لازال حديث الولادة، تسحق دوامة الأمومة أي مصدر بهجة في حياة مارلو، لتصبح غارقة تحت أنقاض المسؤوليات والالتزامات التي لا تنتهي، مما يدفع شقيقها إلى تقديم لها هدية في صورة جليسة للطفل الجديد، تستطيع بذلك مارلو الحصول على بعض الوقت لنفسها، وربما القليل من الطاقة أيضًا التي تدفعها للقيام ببعض التغيرات المؤثرة التي ستطفي على حياتها قدرًا من البهجة. 

إلا أننا وبالرغم من تلك البهجة التي حاول صنّاع الفيلم نثرها، لن نستطيع أن نخرج في النهاية إلا بنتيجة واحدة مؤكدة أن الأمومة لابد لها أن تغيّر حياتك تمامًا، ولابد لأي سيدة ترغب في الحصول على أطفال أن تدرك تلك الحقيقة وتصل معها نحو أقصى درجات المصالحة والقبول التام. 

الفيلم إنتاج عام 2018، من بطولة تشارليز ثيرون، ماكنزي ديفيس، تأليف ديابلو كودي، وإخراج جيسون ريتمان.

الأم التي سنقابلها هنا لا تختلف كثيرًا عن والدة "فورست جامب" التي قابلنها في بداية لقائنا، فكلاهما أم باسلة، بذلت ما بوسعها لدعم طفلها صاحب الظروف الخاصة جدًا، هذا بإختلاف طبيعة مايعاني منه كل طفل، حيث تختلف معاناة أوجست تمامًا عن ما عانى منه "فورست جامب" فأوجست طفل يملك عقل سليم تمامًا وقدرات إدراكية طبيعية جدًا، إلا أنه وُلد مصابًا بتشوهات خلقية شديدة لم تنجح 27 عملية تجميلية في إزالتها، معاناة لا حد لها يعاني منها أوجست عندما يحين وقت خروجه للمجتمع. 

ربما يتساءل قارئنا العزيز لما توقفت هنا عند فيلم Wonder بالرغم من أن فكرته لن تضيف لموضوعنا اليوم أي جديد كوننا سبق وتحدثنا عن هذا النموذج الرائع للأم، وأجيبك هنا يا عزيزي أني أخترت الحديث عن فيلم wonder لأمران، الأول هو كون فيلم الأعجوبة يعد تجسيد لقصة حقيقية حدثت بالفعل للطفل أوجست، مما يضفي على الأمر قدرًا كبيرًا من المصداقية والمعايشة من قِبل المُشاهد أو القارىء للحالة المعروضة، أما السبب الثاني فيرجع إلى الأداء الرائع الذي قامت به "جوليا روبرتس" حين جسدت على الشاشة الفضية دور والدة أوجست، ليبقى مشهدها مع ابنها أوجست الذي تحاول فيه إقناعه بالعودة للمدرسة بالرغم من اكتشافه لزيف صداقته الوحيدة هناك، هو أحد أهم مشاهد الفيلم وأكثرها تأثيرًا على المشاهدين.

الفيلم إنتاج عام 2017، من بطولة جوليا روبرتس، جاكوب ترمبلي، تأليف جاك ثورن، سيناريو ستيفن تشبوسكي، ستيف كونراد، عن رواية بنفس العنوان بقلم آر. جيه. بالاسيو، وإخراج ستيفن تشبوسكي.