Moonlight -Barry Jenkins (5/13)
فيلم Moonlight أحد الأفلام التي صدرت في نهاية شهر نوفمبر 2016، إلا أنه كان ضمن الأعمال الهامة أو كما يقول المثل “ختامها مسك”، وإن كنت من المشاهدين الذين يفضلون الأعمال الدرامية فهذا الفيلم هو ملاذك.
الحقيقة أنني لم اهتم كثيرًا بمشاهدة العمل، بل الحقيقة لم ألحظ صدوره، إلا أنني رأيت عدد من المشاهدين الذين يتحدثون عنه، ولكن للأسف معظمهم لم يكن عربيًا.
وبالفعل أسرعت لموقع التقييم الشهير “IMDb” لأجد أنه حصل على 8.4 وهو تقييم كبير نسبيًا، وبعدها فوجئت بفوزه بأحد جوائز “الجولدن جلوب” كأفضل فيلم درامي، لذلك قررت أن أتحدث عنه في المقال التالي (لا تقلق لن أتحدث عن قصة الفيلم بالتفصيل لتشاهده).
القصة
دائمًا أفضل الحديث عن عناصر تكوين الفيلم فرادى، وأبدأ من حيث الأفضل في الفيلم – من وجهة نظري بالتأكيد- وهذا العمل القصة هي البطل بالتأكيد، والتي ترصد مراحل نشأة شاب، مختلف نسبيًا عن أقرانه، ويمر بظروف عصيبة.
وعبقرية القصة تكمن في الرسائل الخفية، وفي البعد الدرامي ورسم الشخصية لأبطال العمل، هي قصة واقعية تشعر أنك قابلتها أو شاهدتها من قبل، ولكن تميزها في الأمل الذي بثه الفيلم، في القدرة على التحول من شخص منطوي ويخشى الجميع، لمتحكم في حياته، وإن كان فساد الذي واجهة في نشأته أثر عليه وجعل منه “شاذ”.
ولكن مازلت أرى أن التسلسل، وتتابع الأحداث كان سلس، وبه مرونة وتدرج منضبط، ولكن هناك ما يعاب على القصة أنها بلا هدف يقدمه للمشاهد في النهاية، أي أنه بلا فكرة مجردة.
فصول الفيلم
الفيلم مقسم إلى ثلاثة فصول، كل فصل منها يتضمن مرحلة من مراحل عمر شارون البطل أسمر اللون:
الطفولة: تبدأ الأحداث بالطفل شارون الذي يطارده بعد الصبية من مدرسته، فيدخل بناية قديمة، ويجده هناك رجل يعمل في تجارة المخدرات، يتعاطف معه ومع تنمر الأطفال به، وعندما يرفض الصغير الإفصاح عن موقع منزله يقرر الاحتفاظ به لديه وتراعاه حبيبته، وهناك يتعرف الطفل على معنى الأسرة لأول مرة، وعندما يعيده لبيته اليوم التالي نرى الجانب الآخر في حياة شارون، فهو ليس فقط طفل مضطهد من زملائه، لكن كذلك من والدته مدمنة المخدرات.
المراهقة: ننتقل بعد ذلك للمرحلة التالية، حيث يتوحش إدمان الأم، بينما يظهر اختلاف الشاب الصغير أكثر فأكثر، حتى يأتي الحدث الذي يغير حياته، حيث تتحدد هويته الجنسية، ومصيره في يومين متتالين.
الشباب: تقفز الأحداث بعد ذلك حوالي عشرة سنوات، حيث نتعرف على شارون الذي أصبح رجلًا وأصبح مظهره مختلفًا وشخصيته وعمله، ونعرف أن في المرحلة السابقة نقطة التحويل الصغيرة أدت إلى تغييرات مصيرية.
الهدف الخفي
لعل طبيعة المجتمع الأمريكي، والذي يختلف جذريًا عن مجتمعاتنا العربية ظهرًا جليًا في التكوين البنائي للأحداث الدرامية للعمل، فكما لو كان العمل يُدافع عن حرية المثلية الجنسية في المجتمع، وكانت الجملة الأبرز التي قيلت “أن كنت شاذ فلا تجعل أحد يقول أنك لوطيًا، ولا تشعر بالسوء تجاه ذلك”، لذلك اعتبرت أن العمل بلا فكرة مجردة، أو أنها فكرة نابعة من باطن شخص ينحاز للشواذ جنسيًا.
الإخراج
لم يكن الإخراج عبقريًا، قدر أنه جيد إلى حد كبير، استطاع ألا يقع في فخ الرتم والروتين، واختار أماكن للتصوير تتناسب مع الأحداث، وأيضًا حين أراد المخرج أن يبرز أفعال يرفضها المجتمع، أو يواجها جعلها في الليل، ليبرز أنها غير مسموح بها في وضح النهار.
أما أوقات الصباح فهي فقط للكلام، والعراك، والبؤس، ذلك كان ضمن الفكرة الإخراجية للمخرج ” Barry Jenkins” والذي يُعد هو أيضًا كاتب العمل، ويتصادف أنه أسود اللون، ليعتبر بذلك وبشكل واضح أن العمل يتحدث عنه.
المخرج الشاب ” Barry Jenkins” هو من المخرجين الواعدين، لم يقدم أي أعمال سينمائية طويلة عدا فيلمنا هذا، ومعظم أعماله اندرجت تحت مسمى الأعمال “القصيرة”، لذلك لم يشاهد الجمهور إبداع إخراجي، قدر التوازن فقط، دون فلسفة كما يقال.
الأبطال
العمل بشكل عام أعتمد على أن القصة هي البطل بالتأكيد، ولكن هناك أدوار لأبطال العمل جذبتني وخصوصًا الشاب الصغير “ليتل” ولكن في مرحلة صغره والذي قدمها الممثل الصغير ” Alex R. Hibbert ” كان جيد إلى درجة كبيرة، وقدمت لمحات تمثيلية ممتازة.
وأما دور “خوان” والذي قدمه Mahershala Ali فهو ليس من الممثلين المعروفين بشكل كبير، ولكنه شارك في العديد من الأعمال التليفزيونية والسينمائية، فكان يمتلك خبرات جعلت من دوره المحرك الرئيسي للأحداث، فلولا دوره وأدائه، لسقط العمل بشكل كبير.
الجوائز:
ترشح الفيلم للعديد من الجوائز وفاز أيضًا بالكثير، حيث حصل على ثلاثة جوائز أوسكار، هي أفضل فيلم وأفضل ممثل في دور مساعد ماهرشالا علي، وأفضل نص مقتبس، وترشح كذلك لجوائز أوسكار أفضل ممثلة في دور مساعد “ناعومي هاريس” وأفضل تصوير وأفضل مونتاج، وأفضل إخراج وأفضل موسيقى تصويرية.
وقد جاء فوزه بأفضل فيلم بعد الحادثة الشهيرة، حيث فاز فيلم لالا لاند في البداية بأوسكار أفضل فيلم، قبل أن يتم التعديل وتذهب الجائزة لمون لايت في حادثة هي الأولى من نوعها بجوائز الأوسكار.
في النهاية.. قد اختلف مع قصة العمل التي أرائها تُدافع عن أفكار تدور في رأس الكاتب والمخرج، إلا أن العمل جذبني دراميًا من حيث التسلسل الدرامي للأحداث وسردها.